Thursday, March 29, 2018

تعزيز التعددية السياسية في الشرق الأوسط

المرصد السياسي 2947

تعزيز التعددية السياسية في الشرق الأوسط

 26 آذار/مارس 2018
"في 14 آذار/مارس، أقام معهد واشنطن "منتدى سياسي" شاركت فيه ثلاث شخصيات من منظمات المجتمع المدني في الشرق الأوسط تقوم حالياً بزيارة الولايات المتحدة تحت رعاية "مركز هولينغز للحوار الدولي"، وهم: أبو بكر جماعي، صحفي مغربي وعميد "كلية الاعمال والعلاقات الدولية" في "جامعة IAU"، ولبنى جريبي، مؤسسة مركز البحوث "سوليدار تونس"، وأسامة الصغير، عضو في "حزب النهضة" التونسي. وقد انضم إليهم بلال وهاب، زميل "ناثان واستير ك. واغنر" في معهد واشنطن. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم".
أبوبكر جماعي
لا بدّ من دراسة الظروف الحالية في المغرب من منظار أحداث عام 2011. وتتمثل النظرة السائدة في أن حكومة البلاد تمكنت من الاستفادة من موجة "الربيع العربي". وبالتالي، فإن مقارنة المغرب بدول على غرار ليبيا ليست صحيحة نظراً لأنها ليست دولة فاشلة. فضلاً عن ذلك، يمكن للدول المستقرة أن تتحوّل بسرعة إلى دول غير مستقرة، كما حصل في تونس.
وتكمن الطريقة الأفضل للتمييز بين الاستقرار والركود في النظر إلى مؤشرات مثل توظيف الشباب والفقر والإنصاف. فقد تفاقم مؤشر بطالة الشباب في المغرب منذ عام 2011، حيث أظهرت أحدث الإحصاءات الحكومية بأنه يصل إلى حوالي 45 في المائة. وقد تضاءلت قدرة الدولة على توفير فرص العمل طوال عقود من الزمن، لذا أصبح توفير الوظائف أحد أدوار القطاع الخاص وذلك من خلال دعم فرص ريادة الأعمال.   
أما المؤشر الآخر الذي يحمل دلالات كثيرة فهو المشاركة السياسية. فعلى سبيل المثال، لم تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية في الدار البيضاء الـ 28 في المائة.
ومن أجل تحسين هذه المؤشرات، يتعين على المغرب تطوير المؤسسات التي تحفز ريادة الأعمال، والتي يمكن أن تؤدي بدورها إلى خلق فرص عمل وتعزيز الاستقرار. وتحتاج البلاد أيضاً إلى اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستسعى إلى إبرام تفاهم دستوري بين العلمانيين والإسلاميين كبديل لحكومتها الحالية.   
وهناك بعض الأخبار الجيدة في المغرب. أولاً، كانت الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد بعد عام 2011 غير متوقعة وسلمية على السواء. ثانياً، اتفقت أبرز حركتان إسلاميتان في البلاد، هما "حركة العدل والإحسان" و"حزب العدالة والتنمية"، على بند حرية المعتقد المنصوص عليه في الدستور.
لبنى الجريبي
خطت تونس خطوات هائلة في مسار بناء الديمقراطية. فهي تتمتع بدستور تقدمي يسلّط الضوء على حرية المعتقد وحقوق المرأة وحقوق الإنسان - وهو إنجاز كبير حققه جميع أعضاء المجتمع المدني في البلاد.   
لقد بُنيت الثورة على مبدأين أساسيين هما الكرامة والحرية. وفي حين نجحت تونس بشكل واضح في تحقيق حرية [التعبير] والحرية السياسية، إلّا أن التنمية الاجتماعية والاقتصادية لا تزال غير متوفرة. وقد استنزف بناء المؤسسات السياسية جميع الموارد اللازمة لإجراء الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية. وفي حين نجح التوافق من الناحية السياسية، فقد فشل في قطاعات أخرى. وبالتالي، تُعتبر الآليات الجديدة ضرورية لإصلاح الاقتصاد. ويكمن الخطر في ربط التونسيين للديمقراطية بالفقر، مما يجعلهم أقل ميلاً إلى دعم المزيد من التدابير الثورية بفعالية.  
وفي الوقت نفسه، أدّت عملية اللامركزية إلى فسح المجال أمام فرص حقيقة. فعلى سبيل المثال، يشكل الشباب نسبة 52 في المائة من المرشحين في الانتخابات المحلية المقبلة، مما يمنحهم فرصة تعلم دروس هامة حول العملية السياسية.
أسامة الصغير
تقوم تونس بعمل جيد، لكنها تواجه التحديات نفسها التي تعترض الديمقراطيات الطبيعية. فالديمقراطية ليست سهلة بالنسبة للتونسيين، فهم غير معتادين على نظام سياسي مماثل. ومع ذلك، تُعتبر تونس مثالاً أفضل على الديمقراطية في المنطقة من دول أخرى لأن الأحزاب والجماعات ذات الأغلبية البسيطة لم تهيمن على الفترة الانتقالية التي شهدتها البلاد.
ويتمثل التحدي الرئيسي الذي تواجهه تونس في تعزيز الحرية والكرامة. فالحرية تعني الحريات السياسية والمؤسسات السياسية المتطورة بشكل كبير. أما الكرامة فتنطوي على إجراء إصلاحات اجتماعية واقتصادية للشعب المهمش الذي طالب بظروف معيشية أفضل عام 2011.
وليس من السهل إجراء إصلاحات اقتصادية في ديمقراطية حديثة العهد، لأن مثل هذه التغييرات تؤثر على العديد من أصحاب المصالح. فعلى سبيل المثال، سبق أن رفضت النقابات العمالية العديد من التدابير المقترحة. وقد يستغرق تطبيق الإصلاحات أيضاً عدة سنوات بعد موافقة البرلمان عليها، مما يشكك في قدرة المؤسسات الديمقراطية الحديثة.
ومع ذلك، تُحقق بعض المؤشرات الاقتصادية في تونس تقدماً ملحوظاً بالمقارنة مع عام 2011. وتؤدي الولايات المتحدة دوراً هاماً في دعم هذا التقدم، فضلاً عن مساعدتها المستمرة في مسألة مكافحة الإرهاب.
أما على الصعيد السياسي، فقد نأى "حزب النهضة" بنفسه عن الجماعات الإسلامية السياسية الأخرى. وفي الواقع، تؤمن "حركة النهضة" بالديمقراطية التي تميّزها عن باقي الجماعات الإسلامية، إذ أن أعضاء الحزب يَعتبرون أنفسهم ديمقراطيين مسلمين.
بلال وهاب
يبدو أن الموقف الأمريكي تجاه تعزيز التعددية في الشرق الأوسط يتمثل إما بالمشاركة الكاملة أو بالانسحاب التام. وقد حققت أمريكا نجاحاً باهراً من ناحية بناء الأمم في آسيا (على سبيل المثال، اليابان وكوريا الجنوبية) وأوروبا (كخطة مارشال). واليوم، يبدو أن واشنطن على قناعة متزايدة بأن بناء الأمة لا ينجح في الشرق الأوسط، لكن كردستان العراق تشهد على أن الحجة المضادة ناجحة.
لقد دعمت الولايات المتحدة الأكراد عندما انتفضوا ضد صدام حسين في أوائل التسعينيات، فأقامت ملاذاً آمناً لحمايتهم من الجيش العراقي. وبعد ذلك، أجرى الأكراد انتخابات لتشكيل حكومة لا تزال قائمة حتى اليوم، بإدخالهم سياسة تنافسية في شمال العراق.
وعندما اندلعت الحرب الأهلية في «كردستان العراق»، لم تتخلّ أمريكا عن الزعماء المحليين. وعوضاً عن ذلك، أتت بهم إلى واشنطن للحرص على بقاء هذا النموذج من بناء الدولة قائماً. علاوةً على ذلك، عندما هاجمت الحكومة العراقية الملاذ الآمن الذي فرضته الأمم المتحدة عام 1996، ردّت إدارة كلينتون عبر إطلاق صواريخ موجهة على بغداد. ومرةً أخرى ساعدت الولايات المتحدة الأكراد العراقيين عندما تعرضوا لهجوم تنظيم «الدولة الإسلامية» في عام 2014.
ويُعتبر ذلك مثالاً على أن استثماراً صغيراً بل ثابتاً في المنطقة قد يولد شريكاً موثوقاً للولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه يعود بالفائدة على السكان المحليين. وقد تقبّل أكراد العراق التعددية السياسية بفضل التزام الولايات المتحدة، ولا يزالون يأملون بأن يؤدي هذا النموذج إلى منطقة أكثر تطوراً.
إن العقد الاجتماعي في الشرق الأوسط غالباً ما يجبر المواطنين على قبول مقايضات كبرى. فأحياناً يُطلب منهم الاختيار بين الحرية من جهة، والاستقرار والأمن والتنمية الاقتصادية من جهة أخرى. وفي أحيان أخرى، يَختبرون مشهداً سياسياً تهيمن عليه أحزاب دينية حصرية. لكن خلال الانتخابات العراقية المقبلة في أيار/مايو، غيّرت الأحزاب مسارها إلى حدّ كبير، لأن الشعارات الدينية لم تعد مناسبة لشعب يركّز على المطالبة بالتنمية والإصلاحات الاقتصادية.

أعد هذا الملخص ياسر زيدان.
Previous Post
Next Post

About Author

0 comments: